في سابقة فريدة في عالم كرة القدم "المحترفة"، اضطر فريق مولودية البيض إلى العودة إلى الديار بعد مباراته الأخيرة ضد شباب بلوزداد عبر سيارات أجرة، وهو ما يعكس الأزمة المالية الحادة التي يعاني منها الفريق.
وعلى الرغم من الإنجاز الكبير الذي حققه الفريق بفوزه على بطل الدوري شباب بلوزداد بنتيجة 3-2، إلا أن هذا الفوز لم يستطع حجب واقع الضائقة المالية التي يعيشها الفريق.تعود الأزمة التي يعاني منها مولودية البيض إلى غياب الموارد المالية الكافية، وعدم توفر الدعم اللازم من الجهات المحلية. الفريق ناشد في أكثر من مناسبة السلطات المحلية لتقديم الدعم المالي وتوفير وسيلة نقل خاصة بعد الحادث المأساوي الذي تعرضت له حافلة الفريق في ديسمبر 2023. في ظل هذه الظروف، لجأ الفريق إلى وسائل نقل خاصة بالمواطنين العاديين، وهو ما يعكس حجم التحديات التي يواجهها.هذه الأزمة لا تقتصر على مولودية البيض وحده، بل هي جزء من أزمة أوسع تعاني منها العديد من الفرق الجزائرية. إذ تفتقر فرق كرة القدم المحلية، خاصة تلك خارج العاصمة، إلى البنية التحتية والتمويل الكافي الذي يمكّنها من العمل بطريقة احترافية تليق بطموحاتها الرياضية.لتسليط الضوء على التباين الاقتصادي بين الأندية، يمكن الإشارة إلى القيمة السوقية لشباب بلوزداد، التي تقدر بـ12.78 مليون يورو، مقارنةً بمولودية البيض التي لا تتجاوز قيمتها السوقية 2.15 مليون يورو. هذا الفارق الكبير يعكس الاختلافات الكبيرة في القدرة المالية بين الأندية، والتي تؤثر بشكل مباشر على أدائها وقدرتها على الاستمرار في المنافسة.شباب بلوزداد، الذي حقق أربعة تتويجات في آخر خمسة مواسم، يعتبر من الفرق الجزائرية التي تتمتع بموارد مالية أكبر، ما يسمح له بالاستثمار في لاعبين محترفين وتجهيزات متقدمة. بينما تعاني فرق أخرى، مثل مولودية البيض، من ضعف في التمويل، مما يجعلها تعتمد على جهود فردية وأحياناً على الدعم الشعبي لتسيير شؤونها اليومية.تمويل الفرق الرياضية في الجزائر يعتمد بشكل كبير على الدعم الحكومي أو من الشركات الراعية. إلا أن هذا النموذج قد أثبت عدم كفاءته في بعض الأحيان، خاصة في ظل غياب استراتيجيات استثمار طويلة الأجل. الفرق الجزائرية بحاجة إلى البحث عن نماذج تمويل مستدامة تمكنها من المنافسة على المستويين المحلي والدولي.أحد الحلول الممكنة هو توسيع قاعدة الاستثمار الرياضي من خلال تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وزيادة الاستثمار في تطوير البنية التحتية الرياضية. كما يمكن تشجيع الشركات المحلية والدولية على الاستثمار في الأندية الرياضية من خلال تقديم حوافز مالية وضريبية.يُعد الاستثمار في الرياضة فرصة اقتصادية ضخمة، يمكن أن تؤدي إلى تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص عمل وتنشيط السياحة الرياضية. الأندية الجزائرية، إذا أُحسن إدارتها وتم تطوير نموذج اقتصادي فعال، يمكن أن تصبح مراكز للابتكار والاستثمار.أزمة مولودية البيض تمثل جزءاً من التحديات الاقتصادية التي تواجه الأندية الجزائرية. ومع الفوارق الكبيرة في الموارد بين الأندية، يبرز الحاجة إلى تطوير استراتيجيات تمويل مبتكرة تتيح لهذه الفرق النمو والاستمرارية. على الرغم من الظروف المالية الصعبة، فإن نجاح مولودية البيض في الانتصار على شباب بلوزداد يثبت أن العزيمة والإرادة قد تتغلبان على القيود المادية، إلا أن الاستدامة تحتاج إلى حلول اقتصادية طويلة الأمد.