الملايين تُنفق على المدربين دون فائدة

1 دقيقة للقراءة

يشهد الدوري الجزائري لكرة القدم في موسم 2024-2025 سلسلة من القرارات المتخبطة التي انعكست بشكل سلبي على الأداء الفني للأندية، رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها السلطات لتطوير كرة القدم المحلية. 

فقد تم تخصيص إمكانيات مادية ولوجستية هائلة للأندية عبر شركات وطنية راعية بهدف تحسين المستوى وإظهار صورة مشرّفة للكرة الجزائرية على المستوى القاري. ورغم هذه المحاولات، فإن النتائج جاءت مخيبة للآمال، مما يعكس استمرار أزمة الإدارة الرياضية في البلاد.من أبرز مظاهر هذا التخبط، الاستغناء السريع عن المدربين، وهو أمر بات سمة متكررة في الدوري الجزائري. حيث شهد هذا الموسم رقماً قياسياً جديداً في عدد المدربين المغادرين بعد 15 أسبوعاً فقط من بداية الدوري، إذ وصل العدد إلى 17 مدرباً بين من تمت إقالتهم أو من فضلوا الاستقالة. هذه الظاهرة تشير إلى غياب الصبر والتخطيط الاستراتيجي من قبل إدارات الأندية، التي تفضل الحلول المؤقتة على حساب الاستقرار الفني.وعلى الرغم من المبالغ الضخمة التي تُنفق على الأندية، بما في ذلك الرواتب العالية للمدربين واللاعبين، وتوفير كل ما يحتاجونه من معدات تدريب، ملاعب مهيأة، وبرامج إعداد متكاملة، إلا أن النتائج على أرض الواقع لا تعكس هذا الاستثمار. فالمشكلة لا تكمن في الموارد المتاحة، بل في كيفية إدارتها واستغلالها بشكل مثالي.التخبط في القرارات الإدارية وتغيير المدربين بشكل متكرر يؤدي إلى فقدان الهوية الفنية للأندية، حيث أن كل مدرب يأتي بفلسفة مختلفة تحتاج إلى وقت لتنفيذها، وهو ما لا توفره إدارات الأندية. إضافة إلى ذلك، تؤدي هذه التغييرات المستمرة إلى ضغوط نفسية على اللاعبين، الذين يجدون أنفسهم مطالبين بالتأقلم مع خطط وتكتيكات جديدة بشكل متكرر.إن الوضع الحالي يتطلب إعادة النظر في منهجية إدارة الأندية بالدوري الجزائري، حيث يجب على إدارات الأندية التركيز على الاستقرار الفني والإداري، ووضع خطط طويلة الأمد بدلاً من اللهاث وراء نتائج فورية قد تكون مؤقتة. كما يجب توجيه الموارد المالية بشكل أكثر حكمة لضمان تحقيق الأهداف الرياضية المرجوة. ختاماً، يبقى السؤال المطروح: متى ستدرك إدارات الأندية الجزائرية أن كرة القدم لعبة تعتمد على التخطيط والاستمرارية، وليس مجرد استثمار مالي ينتظر منه عوائد سريعة؟ الإجابة على هذا السؤال قد تكون المفتاح لرفع مستوى الدوري الجزائري وإعادة بريقه على الساحة القارية.ويُعتبر نادي شباب بلوزداد بطل الدوري الجزائري أربع مرات في آخر خمسة مواسم، أحد أكثر الأندية تغييراً للمدربين في الموسم الكروي الحالي، حيث إن هذا النادي، ورغم كل الدعم المادي والبشري الذي يتلقاه من قبل مسؤوليه، يتميز بعدم استقرار جهازه الفني منذ سنوات، مثلما هو الحال هذا الموسم، حيث كان قد بدأ موسمه مع المدرب الفرنسي كورتين مارتينز (55 عاماً) الذي سبق له وأن درب منتخبي موريتانيا وليبيا، وكان يُعوّل عليه تقديم الإضافة لأبناء العقيبة خاصة على المستوى القاري، لكن ذلك لم يحدث بعدما قرّر الرئيس مهدي رابحي إقالته من منصبه في أكتوبر الماضي أي بعد ست مباريات فقط، ثم تعاقد بعد أسابيع قليلة من ذلك مع المدرب عبد القادر عمراني (69 عاماً)، الذي بدوره غادر رسمياً منصبه منذ السبت الفائت، بسبب سوء التفاهم الذي حدث له مع مجلس الإدارة، خاصة منذ فشل الفريق في تجاوز دور المجموعات لمسابقة دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم.كما لم يبقَ كثيراً المدرب التونسي راضي الجعايدي (49 عاماً) مع نادي بارادو الذي استلم زمام تدريبه منذ بداية الموسم الجاري، حيث غادره في أكتوبر وبعد ست مباريات فقط ضمن منافسات الدوري الجزائري حصد منها خمس نقاط. وبدأت المشاكل بين الطرفين لاختلاف وجهات النظر حول الأهداف المسطرة مع النادي المشهود عليه بأنه يُركز أكثر على تكوين اللاعبين وإعادة تسويقهم لمختلف الدوريات الأوروبية، ما دفعه للتعاقد مع المدرب ونجم الكرة الجزائرية السابق دزيري بلال (53 عاماً)، المعروف بدوره من خلال تجاربه السابقة باعتماده الكبير على اللاعبين الشباب، كما هو بصدد تحقيق نتائج مميزة مع الفريق في الدوري حيث قفز معه إلى المركز الرابع في جدول الترتيب، ومتأخراً بثلاث نقاط عن المتصدر شبيبة القبائل، إضافة إلى مباراة ناقصة تنتظره ضد اتحاد العاصمة.وشهد شهر نوفمبر الماضي، كذلك فسخ نادي اتحاد بسكرة لعقده مع المدرب منير زغدود (54 عاماً)، بسبب فشل الفريق في تحقيق الفوز خلال أربع جولات من الموسم الكروي الحالي، وخلفه بعد ذلك الطاهر الشريف الوزاني (58 عاماً) الذي بدوره فشل في تحقيق النتائج الإيجابية وأقيل من منصبه قبل أسبوعين من الآن، وتعيين الحارس الدولي السابق ليامين بوغرارة (54 عاماً) بديلاً له، وبعدما أقيل هو الآخر من نجم مقرة.وقبل كل هذا كان نادي مولودية وهران قد أعلن فسخ عقد المدرب الراحل يوسف بوزيدي الذي توفي في ديسمبر الماضي عن عمر ناهز 67 عاماً، وبديله كان متمثلاً في المدرب المالي إريك شيل (47 عاماً) الذي قاد فريق "الحمراوة" في 13 لقاء، لكنه قرر في الأيام الماضية وبشكل مفاجئ الرحيل لقيادة منتخب نيجيريا، وهو ما أثار غضب إدارة النادي التي تواصل رحلة البحث عن مدرب جديد لإعادة تعيينه في هذا المنصب.وقرّر ترجي مستغانم الصاعد الجديد إلى الدوري الجزائري لكرة القدم فسخ عقد مدربه الشريف حجار (59 عاماً) بسبب النتائج السيئة، وخلفه الظهير الأيمن والدولي السابق مع منتخب "الخضر"، سليمان رحو (49 عاماً)، هذا الأخير لم يُعمر طويلاً وجرى تعيين المدرب الحالي نذير لكناوي (52 عاماً) بديلاً له، والذي ستكون مهمته انتشال الفريق من المركز الأخير في جدول ترتيب الدوري المحلي والبقاء ضمن دوري الأضواء، وهو نفس هدف نادي مولودية البيض الذي كان قد أقال شهر نوفمبر الماضي مدربه فؤاد بوعلي (64 عاما) وعيّن مكانه كريم بختي (55 عاماً).ولم يختلف كذلك الوضع في نادي أقبو، الذي أقال خلال مرحلة الذهاب المدرب التونسي معز بوعكاز (58 عاماً) ثم تعيين المدافع الدولي السابق منير زغدود بديلاً لأسابيع قليلة فقط، حيث جرى فسخ عقده هو الآخر وتعيين المدرب الفرنسي، دينيس لافاني (60 عاماً) الذي سيقود الفريق في مرحلة الإياب من الموسم الحالي.وبعدما غادر المدرب التونسي حاتم الميساوي (54 عاماً) الجهاز الفني لنادي اتحاد خنشلة، كان الموعد كذلك مع مغادرة اسم آخر مهم في الدوري الجزائري، ويتعلق الأمر بالمدرب عبد الحق بن شيخة (61 عاماً) الذي فاجأ جماهير شبيبة القبائل بإعلانه الاستقالة من منصبه بعد مباراة ترجي قالمة ضمن مسابقة كأس الجزائر، رغم أنه كان الاسم الذي المعول عليه كثيراً عند جماهير الكناري من أجل تكرار النجاحات التي حققها سابقاً، على غرار ما كان عليه الأمر مع اتحاد العاصمة الذي فاز معه بلقب كأس الكونفيدرالية الأفريقية وكذلك السوبر الأفريقي ضد الأهلي المصري، إلا أن هذا لم يحدث لتقرر إدارة الهادي ولد علي الاستنجاد بخدمات الألماني جوزيف زينباور (54 عاماً).كما أن إدارة نادي مولودية الجزائر قرّرت التخلي عن المدرب الفرنسي باتريس أمير بوميل (46 عاماً) بسبب تراجع النتائج والاستنجاد مرّة أخرى بالمدرب التونسي خالد بن يحيى (65 عاماً)، الذي أعاد الهدوء لبيت النادي العاصمي بنتائج إيجابية منها الفوز الكبير في ديربي أمام الغريم اتحاد العاصمة (3-0)، وقبله التأهل للدور الربع النهائي لمسابقة دوري أبطال أفريقيا، فيما عاش نادي وفاق سطيف نفس السيناريو تقريباً بتخليه في الأيام القليلة الماضية عن خدمات مدربه رضا بن دريس (48 عاماً) وإعادة تعيين التونسي، نبيل الكوكي، الذي سبق وأن خاض تجربة مع "النسر الأسود" من 2019 إلى 2022.ومن بين جميع هؤلاء المدربين الـ17 الحاملين لوصف الإقالة أو الاستقالة، هناك ثلاثة مدربين فقط حافظوا على مناصبهم منذ بداية الدوري الجزائري لكرة القدم الموسم الحالي، وهم التونسي نبيل معلول (62 عاماً) الذي قاد اتحاد العاصمة لربع نهائي كأس الكونفيدرالية الأفريقية، وهو حال خير الدين مضوي (47 عاماً) مع شباب قسنطينة الذي يحلم بقيادة فريق السياسي لتحقيق لقب قاري هو الأول في تاريخ هذا النادي، فيما وضع نادي أولمبي الشلف منذ بداية الموسم الجاري ثقته في المدافع السابق للفريق سمير زاوي (48 عاماً) بهدف تحقيق الاستقرار والبقاء ضمن دائرة الكبار.

+