تبرعاتكم بالملايين قد تُنقذ آلاف الأرواح الفلسطنيين

0 دقيقة للقراءة

في زمن تتصارع فيه القوى وتتصاعد فيه الأزمات، تظل القيم الإنسانية هي النور الوحيد الذي يشع وسط الظلام. من بين نجوم كرة القدم الذين لم تسرقهم الأضواء عن قضايا العالم، يبرز كريستيانو رونالدو كواحد من أكثر اللاعبين تأثيرًا، ليس فقط بقدمه الذهبية بل أيضًا بقلبه الكبير.

رونالدو الذي يحمل سجلًا حافلًا بالأهداف والألقاب، كان له دور مؤثر في دعم الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، حين قرر في عام 2011 أن يتبرع بثمن جائزة الحذاء الذهبي التي نالها بعد موسم استثنائي مع ريال مدريد، وبلغت قيمة التبرع حينها مليونًا ونصف المليون دولار، خصصها لبناء مدارس في غزة، ليكون بذلك أول نجم عالمي يسخّر أحد أرفع إنجازاته الرياضية من أجل قضية إنسانية كبرى.رونالدو لم يتوقف عند ذلك، فبعد عامين فقط، عاد لبيع إحدى كراته الذهبية في مزاد خيري بلندن، وتمكنت الجائزة من جمع ما يقارب 651 ألف دولار، خصصت لعلاج الأطفال الذين يعانون من أمراض خطيرة، بينهم أطفال فلسطينيون. كما تبرع في سنوات لاحقة بمبالغ كبيرة لصالح منظمات مثل الصليب الأحمر، واليونيسيف، ومنظمة الرؤية العالمية، إضافة إلى تبرعاته لمستشفيات، وضحايا كوارث طبيعية، وكان أبرزها مساهمته في جهود إغاثة زلزال نيبال المدمر عام 2015، حين تبرع بمبلغ ضخم لم يُكشف عنه للإعلام، واكتفى بالقول إن الضحايا لا يحتاجون إلى صور، بل إلى فعل حقيقي.في عام 2014، حين توج مجددًا بالكرة الذهبية، لم ينسَ أن يوجه كلمته للأطفال الذين يحاربون سرطان الدم، مشيرًا إلى أن البطولة الحقيقية ليست في الملاعب، بل في غرف العلاج، وهي اللحظة التي أثّرت في ملايين المشاهدين حول العالم، وأضافت بعدًا إنسانيًا آخر لشخصيته الفريدة. وخلال سنوات الحرب في سوريا، أرسل رونالدو رسالة صوتية للأطفال المتأثرين بالنزاع، واصفًا إياهم بـ"الأبطال الحقيقيين"، مؤكداً دعمه الكامل لهم، دون أن يعلن عن المبلغ الذي تبرع به، نزولًا عند طلب من منظمة إنقاذ الطفولة.

رونالدو يبيع الحذاء الذهبي لأجل غزة

وبينما يستمر العدوان على غزة مخلفًا عشرات الآلاف من الشهداء، ومعظمهم من الأطفال والنساء، برز لاعب آخر بموقف لا يقل قوة عن موقف رونالدو، وهو اللاعب الهولندي أنور الغازي. بعد أن أعلن دعمه للفلسطينيين عبر منشور على مواقع التواصل، وجد نفسه في مواجهة مباشرة مع إدارة نادي ماينتس الألماني، التي قررت فسخ عقده بسبب مواقفه. لكن المحكمة الألمانية أنصفته، وألزمت النادي بدفع تعويض مالي بلغ 1.7 مليون يورو، تسلم منها اللاعب 1.5 مليون، ولم يتردد في إعلان تبرعه بمبلغ ضخم قدره 500 ألف يورو لصالح مشاريع إنسانية لأطفال غزة، مؤكدًا أن هذه الخطوة هي أقل ما يمكن تقديمه لشعب يذوق المعاناة يوميًا دون أن يهتز له العالم.الغازي لم يكتفِ بالتبرع، بل أرسل رسالة قوية عبر وسائل الإعلام، قال فيها إن محاولة إسكات صوته جعلت نبرته أعلى، وإنه فخور بأن يكون هذا المال قد وصل أخيرًا لمن يستحقه، حتى لو جاء من جهة حاولت محاربته. كانت تلك رسالة مضاعفة، ليس فقط للنادي الذي فصله، بل للعالم بأسره، بأن من يناصر المظلوم لا يخسر شيئًا، بل يكسب احترام الشعوب وضمير الإنسانية.

كرة القدم العربية تهتف لفلسطين

وعلى صعيد عربي، كانت الجزائر حاضرة بقوة في مشهد التضامن مع غزة، حيث لم تكتف جماهيرها بالهتافات والشعارات، بل تحولت صفحات نجومها على مواقع التواصل الاجتماعي إلى منابر مقاومة. رياض محرز، قائد المنتخب الجزائري، عبّر عن تضامنه برسالة مؤثرة دعا فيها لوقف الحرب، وتبعه عدد من اللاعبين أبرزهم إسلام سليماني، ياسين براهيمي، أمير سعيود، وغيرهم من الأسماء التي وضعت كرة القدم في خدمة العدالة. حتى الملاكمة الجزائرية إيمان خليف رفعت صوتها دعمًا لغزة، مؤكدة أن الرياضة لا يمكن أن تبقى محايدة أمام المذابح، وأن الصمت خيانة. الأندية الجزائرية أيضًا كانت في الموعد، فنشرت رسائل تضامن على حساباتها الرسمية، من اتحاد العاصمة إلى مولودية الجزائر، وصولًا إلى مولودية وهران، التي أطلقت شعارًا أصبح على لسان كل مشجع حر: "من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر". وحتى اللاعبين في الدوري المحلي انخرطوا في الحملة، منهم من نشر صورًا للدمار، ومنهم من أطلق دعوات لوقف العدوان، في مشهد جماعي عبّر عن ضمير شعب بأكمله.وبين كل هذه المواقف، يتأكد أن كرة القدم لم تعد مجرد رياضة، بل تحولت إلى منصة نضال إنساني. فالنجوم الذين يعرفهم العالم بأهدافهم وتمريراتهم، باتوا اليوم أكثر تأثيرًا بوقوفهم إلى جانب المظلومين، واستخدامهم لصوتهم، وشهرتهم، وأموالهم، في سبيل نصرة الحق. وعندما تتحول الجوائز الفردية إلى أدوات للبناء، والمكافآت إلى تبرعات، فإن العالم يكون قد ربح شيئًا أندر من الكؤوس: ربح الإنسان.

+